مرت نحو ثلاثة سنوات على الإعصار الذي اندلع في تونس وطال كافة البلدان العربية بدرجات متفاوتة، ونجح فأسقط نظم استبدادية، ودفع إلى واجهة الحراك الاجتماعي بقضايا حقوق الإنسان، والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والانتقال إلى الديمقراطية، ومكافحة الفساد والإفلات من العقوبة، وأطلق وعياً تحرريا فتح مسارات للمستقبل، وعزز مكتسبات للمجتمعات العربية لا يمكن النكوص عنها، واضطر كافة النظم العربية لفتح ملفات الإصلاح المجمدة منذ عقود.
لكنه أطلق في الوقت ذاته تحديات جسيمة ليس أولها حمامات الدم التي نشهدها في سوريا، وصعوبات المرحلة الانتقالية في غيرها، حيث تفوق التطلعات الموارد والإمكانيات، ويعوز الناس الصبر على الحصاد بعد كدح وطول انتظار، وحيث تتنافس المطالب الملحة على جدول الأولويات، وحيث لا تتفق بالضرورة شرعية الثورة وشرعية صندوق الانتخابات. وليس آخرها التربص الاستعماري الذي يسعى إلى اغتنام صعوبات المرحلة التي تواجهها بلدان المنطقة لإعادتها إلى حظيرة التبعية والانقضاض على قضيتها المركزية فلسطين.
وقد انتزعت الشعوب العربية في سياق الحراك الاجتماعي مساحة غير مسبوقة من حرية الرأي والتعبير بكافة شُعبها، قضت على الاحتكار الرسمي للإعلام في بعض البلدان العربية، وعززت التعددية الإعلامية في أخرى، وكرست الإعلام الإلكتروني كفاعل رئيس على الساحة الإعلامية، فحسٌنت من تدفق المعلومات، ووسعت من خيارات الناس وقدرتهم على بلورة آرائهم حيال الشئون العامة.
لكن بقدر ما يبعثه هذا المشهد العام من تفاؤل، فإنه ينطوي على العديد من التحديات، فالانطلاقة التي حققتها حرية الرأي والتعبير، لا تزال غير محمية بسياج دستوري وقانوني يضمن لها الاستدامة، حيث جاءت القوانين المنظمة للحريات الإعلامية في أكثر من نصف بلدان المنطقة (في تونس والعراق والجزائر والسعودية وليبيا والأردن وسوريا وقطر وسلطنة عمان ومصر والكويت والإمارات أي أكثر من نصف البلدان العربية) حمالة أوجه، ولم يرافقها تعديلات على قوانين العقوبات التي ظلت تكرس العقوبات السالبة للحريات في قضايا النشر. واستخدم معظمها عبارات فضافضة ومبهمة تسمح بالتأويل والتفسير بما يهدد الحريات الإعلامية ويضع الإعلاميين تحت طائلة القانون. ومال معظمها للتشديد والتقييد بدلاً من الإباحة والإتاحة وأثار معظمها اعتراضات واسعة النطاق بين الإعلاميين والصحفيين والمدونين، واضطرت أحدى الحكومات للتراجع عن المضي في إقرار القانون على نحو ما حدث في الكويت. ولم يواكبها صدور قوانين إتاحة المعلومات الرسمية مما يضطر الإعلاميين والصحفيين بالرجوع إلى مصادر غير دقيقة يمكن أن تضعهم تحت طائلة القانون.
وعانى الصحفيون والإعلاميون والمدونون من جراء دورهم الفاعل في واجهة الحراك الاجتماعي الذي تشهده المنطقة من ضغوط التغيير، وعدم قدرة النظم السياسية على التكيف مع الواقع الجديد، والانقسامات السياسية على خيارات المستقبل، فأصبحوا هدفاً رئيساً في طاحونة القتل والاعتداءات البدنية التي لم تقع فقط من جانب النظم، بل ووقعت كذلك – وبضراوة- من جانب نشطاء سياسيين ومعارضين في الرأي.
وشهدت الأعوام الثلاثة الماضية قتل عشرات من الصحفيين والإعلاميين العرب والأجانب من مراسلي الصحافة العالمية ووكالات الأنباء أثناء تغطيتهم للنزاعات المسلحة في ليبيا وسوريا وفلسطين والصومال. وقد قُتل بعضهم على أيدي القوات الحكومية، وقُتل البعض الآخر على أيدي المعارضة المسلحة. ورغم أن معظمهم قتل أثناء القصف الجوي العشوائي أو الاشتباكات بين القوى المتقاتلة، فإن ذلك يؤكد مجدداً الحاجة إلى آلية دولية لحماية الإعلاميين، وهو ما ظلت المنظمة العربية لحقوق الإنسان تلح عليه منذ سنوات. لكن كما رصدت العديد من المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية وقائع قتل مستهدف للصحفيين والإعلاميين بصفتهم أو شخوصهم.
ولم تتوقف الاعتداءات على الصحفيين والإعلاميين عند مناطق النزاعات المسلحة، حيث تعرض العديد منهم إلى القتل والاعتداءات البدنية خلال تغطيتهم لأحداث الاحتجاجات التي اندلعت في معظم البلدان العربية.كذلك لم تتوقف الاعتداءات عند الصحفيين والإعلاميين، بل امتدت لمؤسساتهم الصحفية والإعلامية، فتم اقتحام العديد من هذه المؤسسات وتدمير معداتها من جانب جماعات معارضة لأدائها دون أن تجد حماية من سلطات الدولة. بل وبادرت السلطات في معظم البلدان العربية بغلق فضائيات، أو التهديد بغلقها تحت دعاوى مخالفات قانونية، وأحالت عشرات من الصحفيين والإعلاميين
وأتاحت التكنولوجيا الحديثة أداة إضافية لدى حكومات لعرقلة الفضائيات، وهي اختراق البث الإعلامي للفضائيات باستهداف الأقمار الصناعية، ويرصد التقرير العديد من هذه الحالات، بل وأصبح مألوفاً أن يحمل شريط الأخبار في قنوات مثل الجزيرة والعربية وغيرها إرشادات مستمرة موجهة إلى مشاهديها بالانتقال إلى مواقع مغايرة لمتابعتها.
وتعرضت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، ومواقع المدونين، ومواقع الإعلام الإلكتروني لنصيب مماثل من القمع بالقوانين والممارسة على حد سواء، بلغت ذروتها خلال الفترة التي يغطيها التقرير بالمنع الشامل للبث الإلكتروني في الفترة الأولى من الثورات والانتفاضات لإعاقة التواصل بين المحتجين، ولا تزال مسئولية اتخاذ هذا القرار في مصر، بعد التغيير، موضع مساءلة قضائية.
وجرى حجب العديد من المواقع تحت ذرائع مختلفة، كما جرى القبض على العديد من المدونين ومساءلتهم، وإحالتهم إلى المحاكم، ومعاقبتهم بأحكام قضائية تمثل سمة بارزة في مسار الإعلام الإلكتروني.
وعلى غرار اختراق البث الإعلامي الفضائي، تعرض الإعلام الإلكتروني لظاهرة مماثلة، وتولت مجموعات من “الهكرز” (القراصنة) اقتحام العديد من المواقع الإلكترونية، جاء بعضها امتداداً للظاهرة العالمية المألوفة، ولكن بدا أن بعضها مقصود لاستهداف مواقع معنية.
ويتناول هذا العرض الموجز أوضاع حرية الرأي والتعبير في البلدان العربية من خلال أربعة أقسام هي:
1. حرية الرأي والتعبير في بلدان النزاع المسلح.
2. حرية الرأي والتعبير في بلدان التغيير العربي.
3. حرية الرأي والتعبير في الدول التي شهدت تعديلات وإصلاحات
4. حرية الرأي والتعبير في بلدان الخليج
أولاً حرية الرأي والتعبير في بلدان النزاع المسلح.. سوريا/ العراق نموذجا:-
والتي تضم خمسة دول هم سوريا والعراق والسودان والصومال وفلسطين المحتلة. ففي سوريا ومنذ بدء الانتفاضة في 15 مارس 2011، بات الصحفيين والإعلاميين في سوريا هدفا للجيش السوري النظامي والميليشات الموالية له من ناحية، الذي استهدف الصحفيين بالقتل والقمع والاعتقال وقصف القنوات المعارضة له، والتضييق على الصحفيين والإعلاميين الأجانب بهدف منع حقيقة ما يحدث في سوريا، بالإضافة إلي ملاحقة المعارضين له في الرأي خارج سوريا، وخاصة في لبنان حيث توجد هيمنة واسعة لحزب الله الموالي لنظام الأسد، والذي ينكل بمعارضيه في لبنان.
كذلك أصبح الصحفيون والإعلاميون منذ منتصف عام 2012 هدفا للتنظيمات والجماعات المسلحة غير النظامية المتصارعة في سوريا، وخاصة التنظيمات الجهادية وفي مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الذي يرتكب انتهاكات جسيمة في حق الإعلاميين في كل من العراق وسوريا، في إطار السعي الدؤوب للسيطرة على نشر الأخبار، بأصبح يستهدف بشكل دوري الصحفيين ووسائل الإعلام التي لا تشاطرها نفس الإيديولوجية. وكذلك جبهة النصرة التي تصدرت قائمة منظمة مراسلين بلا حدود السنوية لصيادي الحرية الإعلامية لتلحق بالرئيس السوري المدرج على القائمة منذ 2011. وتستهدف كذلك القوات شبه العسكرية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي والمسيطرة المناطق ذات الأغلبية الكردية الصحفيين والإعلاميين.
وتتقاسم الأطراف الثلاثة السابقة الذكر المسؤولية عن الانتهاكات التي يأتي في مقدمتها انتهاك الحق في الحياة والتهديد أو الاختطاف والتعذيب والاغتيال، ومنذ اندلاع الثورة السورية لقى أكثر من 150 صحفي وإعلامي مصرعهم أثناء تغطية الأحداث (ووفقا لنشطاء الداخل نحو 300 صحفي وناشط وإعلامي)، وأكثر من (30) رهينة ومفقود من بينهم (9) أجانب مثل إدوارد الياس و ديدار فرانسوا اللذين يعملا في التلفزيون الفرنسي تم اختطافهم في 6 يونيو ولم يفرج عنهم حتى الآن، فضلا عن وجود نحو (40) صحفي سوري معتقلين في سجون النظام مثل علي محمود عثمان ومحمد نور الشمالي، المعتقلين اللذين اعتقلها في مارس وديسمبر 2012، على التوالي، والمراسل عبيدة بطل، المختطف من قبل إحدى الجماعات المسلحة في يوليو 2013، والصحفي مازن درويش وزميليه حسين غريروهاني الزيتاني المتهمين بالترويج للإرهاب.
ويطال القسم الأكبر من الانتهاكات التي يقوم بها تنظيم داعش الإعلاميين باعتبارهم الجهة التي توثق الانتهاكات، وقد اقتحم التنظيم خلال عام 2013 ما لا يقل عن 8 مقرات إعلامية , وقتل أكثر من 13 إعلامياً كما حصل مع الناشط الإعلامي عمر دياب حاجولة في اعزاز بريف حلب بتاريخ 18 سبتمبر/أيلول 2013 و ماهر هسرومي وأمين أبو أحمد وسلطان الشامي في قاضي عسكر بحلب وجميعهم صحفيين يعملون للمحطة التلفزيونية “شدى الحرية” وذلك بتاريخ 9 يناير/كانون ثاني 2014. كما قام التنظيم باعتقال الصحفيين السويديين “ماجنوس فالكهيد و نيكلاس هاماستروم ” العاملين في صحيفة (دوكنس نيهيتر) بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين ثاني 2013 قرب بلدة معلولا عندما كانا على طريق المغادرة باتجاه لبنان برفقة نشطاء سوريين , واعتقال الصحفي ” بنيامين أيجون ” المصور في صحيفة ( ملييت ) بتاريخ 17 ديسمبر/كانون أول 2013 خلال تغطيته الأحداث في سوريا.
وفرض التنظيم سلسلة من الأحكام على السكان المسيحيين في مدينة الرقة التي يسيطر عليها، وفرض عليهم دفع “الجزية” وإقامة شعائرهم في أماكن خاصة , وطرد عدداً كبيراً من العائلات النازحة التي كانت تقطن في معسكرات الطلائع لتسكن بدلاً منها عناصرها المتزوجين حديثا, فبدء التنظيم بالضغط على عائلات في الرقة وحلب للزواج ببناتها, وفرض زياً محدداً للنساء يتضمن ارتداء النقاب والكفوف، وقام بتسيير دورية شرطيات داعشية في الاسواق مهمتهن إمساك النساء غير المُنقبات والإساءة إليهن في الشارع على مرأى من الناس ويقومون بجرّهم إلى حافلة صغيرة تقف جانبا ومن ثم سوّقهم إلى مبنى المحافظة (مقر داعش الأساسي)، ليتم جلدهم واستدعاء ولي امرهم , فأقدم على جلد امرأتين بحجة عدم ارتدائهما النقاب في حي الثكنة وسط المدينة , ومنع التدخين والنراجيل .
كما منع مقاتلون من هذا التنظيم توزيع مطبوعتين في مدينة الرقة، هما صحيفة “طلعنا عالحرية” ومجلة “الغربال“، وعمدوا إلى حرق النسخ المحجوزة. وينهب وتخريب عدد من مقرات وسائل الإعلام، واختطاف حوالي عشرة صحفيين سوريين وأجانب، وخلال ديسمبر 2013 تعرض ما لا يقل عن خمس مؤسسات إعلامية للاعتداءات؛ مثل مهاجمة مقر قناة شدا الحرية في 26 ديسمبر 2013، واختطفت خمسة من موظفيها، بعد بضعة أيام من نشر القناة لحوار صحفي لعدنان العرعور يتهم فيه التنظيم بالخيانة وارتكاب جرائم القتل.
وأعدم التنظيم “ثلاثة من الصحفيين المعتقلين لديها أثناء المذبحة التي نفذتها في في 6 يناير 2014 وقتل خلالها خمسين شخصاً كانوا محتجزين لديها في المعتقل الواقع بحي قاضي عسكر، والصحفيين هم ماهر هسرومي وأمين أبو أحمد وسلطان الشامي، الذين كانوا يعملون للمحطة التلفزيونية “شدى الحرية”، المختطفين في 26 ديسمبر بعد أن هاجم التنظيم مقر القناة.
وفي مناطق الأغلبية الكردية (روج آفا) في الشمال الشرقي السوري الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي، عمد الحزب في منتصف العام الماضي إلي تاسيس اتحاد الإعلام الحر، ,أعلنت الهيئة الكردية العليا التي تسيطر على المنطقة في 15 أغسطس 2013، عن اعتماد الاتحاد كمرجعيةً وحيدة للعمل الصحفي في، ويقوم مقام وزارة الإعلام باعتباره الجهة الوحيدة المسؤولة عن منح تراخيص العمل الإعلامي لوسائل الإعلام والفاعلين الإعلاميين في العمل بالمنطقة وتنظيم شؤونهم. وبالتالي.
وتورط الحزب في انتهاكات عديدة:- مثل اعتقال، واختطاف، الإعلاميين ففي 23 أبريل 2014، اعتقل عناصر الأسايش في الدرباسية القبض على محمد محمود بشار مراسل تلفزيون روداو. كما وثقت منظمة مراسلون بلا حدود عدداً من الحالات التي تم فيها ترحيل بعض الأصوات المعارضة من المجتمع المدني إلى كردستان العراق، مثل حالة كل من محمود بهلوي مراسل قناة روداو، ورودي إبراهيم، مراسل قناة أورينت الإخبارية، اللذين جرى اعتقالهما في القامشلي وتم تسليمهم لقوات البشمركة وهي القوات العسكرية في كردستان العراق، وهم متواجدين الأن في مدينة أربيل العراقية .
وفي العراق الذي شهد مقتل أكثر من (365) صحفي وإعلامي منذ بدء عام 2003، يعد العام 2013 الأسوأ للصحفيين العراقيين، حيث جاء في الترتيب الثاني في قائمة البلدان الأكثر خطرا على حياة الصحفيين، بمقتل أكثر من (21) صحفي من بينهم أربعة لقوا نحبهم في تفجيرات استهدفت تجمعات للمدنيين بينما تم اغتيال (17) آخرين، بعد أن أصبح الإعلاميين هدفاً للجماعات المتطرفة، في كافة مناطق العراق وبشكل خاص محافظة “نينوي” التي اضطر أغلب الصحفيين إلي مغادرتها بسبب تزايد تهديدات وعمليات الاغتيال. وجرى الكشف في منتصف ديسمبر عن قائمة أعدتها “داعش” لاغتيال (44) صحفياً. وشهد العام كذلك سُحبِ تراخيص (13) محطة إعلامية خلال العام، من بينهم عشرة تم سحب ترخيصها في 28 أبريل دون أوامر قضائية. واعتقل نحو (35) صحفي. ورصد مركز”ميترو” للدفاع عن حقوق الصحفيين (193) انتهاكا ضد الصحفيين في إقليم كردستان خلال العام 2013، تراوحت الاعتداء، ومنع التغطية، والاحتجاز، والاعتداء على القنوات الإعلامية، فيما سجل العام مقتل صحفي واحد في الإقليم، يدعي “كاوه كرمياني” الذي أُغتيِل في 10 ديسمبر/كانون أول، وسبق مقتله تلقيه تهديدات على خلفية القضايا التي كان يتناولها.
ثانيا السودان
وفي السودان وعلى الرغم من إعلان الحكومة عن وقف الرقابة على النشر في إطار سعيها لاحتواء المظاهرات المناوئة لها إلا أنها لجأت إلي الى وسائل اخرى لهدر حقوق الصحفيين وتقيد حرية الرأي والتعبير، كايقافها لبعض الصحف ومصادرة الصحف ومنع النشر ومنع الصحفين من الكتابة. فعلى سبيل المثال فصل 25 صحفي بجريدة الوطن في 24 يناير/كانون الثاني 2014 من بينهم فنان الكاركتير. فضلا عن مصادرة العشرات من أعداد الجرائم والصحف خلال العام مثل مصادرة جريدة الاهرام اليوم عدد يوم 17 يونيو/حزيران2013 . كما جرى ترهيب وتهديد الصحافيين لاجبارهم على تبني الرواية الرسمية للتظاهرات. وأرسل جهاز الأمن والمخابرات رسائل شفوية في 18 سبتمبر الى الصحف بالخرطوم، تامرهم بعدم كتابة اي اخبار تتعلق بإجراءات رفع الدعم عن المحروقات. واستمرت السلطات في اعتقال الصحفيين والنشطاء مثل: اعتقال الناشط والكاتب الصحفي تاج الدين عرجة في 24 ديسمبر 2013 ، أثناء تغطيته المؤتمر بين الرئيس عمر البشير والرئيس التشادي ادريس دبي في الخرطوم بواسطة الحرس الرئاسي. ورصدت المنظمات الحقوقية عدة حالات لاستدعاء جهاز الامن لصحفيين للتحقيق معهم، واعتقال اخرين ومصادرة هواتفهم، ومحاكمة اخرين محاكمات تفتقر الى المعايير الدولية للعدالة، مثل استدعاء المحكمة لرئيس تحرير صحيفة الجريد والصحفية سعاد الخضر في 7 نوفمبر 2013، على خلفية نشرت الصحيفة لحوار أجرته مع مواطن تقدم بطعن دستوري للمحكمة الدستورية العليا ضد قرارات الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات وزيادة الاسعار، واخضعتهم لتحقيق قضائي دون السماح بتوكيل محامي. ووجهت لهم تهم الإساءة للمحكمة الدستورية.
كما استمرت الملاحقات الأمنية للصحفيين وأصحاب الرأي، استدعي جهاز الأمن يوم الخميس 27 مارس/آذار 2014، كل من الصحفي “محجوب عروة” رئيس مجلس إدارة صحيفة (الأسواق) الاقتصادية، والصحفي “أحمد عبد الله التوم”رئيس تحريرها، علي خلفية عملهما الصحفي، كما تم وقف الصحفي بجريدة “الجريدة” حيدر خير الله، عن الكتابة منذ الثالث من مارس الجاري، لأجل غير مسمّى.
ثالثا فلسطين المحتلة
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على الصحفيين والعاملين في وكالات الأنباء المحلية والعالمية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، على الرغم من الحماية الخاصة التي يتمتعون بها وفقا لقواعد القانون الدولي. تعد هذه الإعتداءات جزءا من حملة منظمة لعزل الأراضي الفلسطينية المحتلة عن باقي أرجاء العالم، وللتغطية على ما تقترفه من جرائم بحق المدنيين، وخلال العام تركزت اعتداءات قوات الاحتلال على الصحفيين خلال عملهم المهني على تغطية المسيرات السلمية التي يشارك فيها المدنيون الفلسطينيون والمتضامنون الدوليون من المدافعين عن حقوق الإنسان احتجاجا على مصادرة اراضي المواطنين الفلطسنيين في قرى ومدن الضفة الغربية لصالح إقامة جدار الضم الفاصل أو توسيع المستوطنات. تشمل تلك الاعتداءات جرائم انتهاك الحق في الحياة والسلامة الشخصية للصحفيين، والضرب وغيره من وسائل العنف أو الإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية والاعتقال والاحتجاز ومداهمة المنازل.
ثانيا: حرية الرأي والتعبير في بلدان التغيير العربي ]
1. تونس
استمر تعرض الإعلاميون والصحفيون في تونس للاعتداءات أثناء ممارسة عملهم، والتي بلغت حد منعهم من تغطية العديد من التجمعات السلمية، فضلا عن لجوء السلطات التونسية في أعقاب الثورة إلي إحالة الصحفيين للتحقيق وتقديمهم للمحاكمات الجنائية. واستمرت الأجهزة الأمنية وكذلك ما يدعى “روابط حماية الثورة”، التابعة للأحزاب سياسية المنخرطة في الائتلاف الحاكم، في الاعتداء علي التظاهرات السلمية.
ومن الظاهرات السلبية التي تنتهك حرية الرأي والتعبير والتي يمكن رصدها خلال العام 2013، كان ظاهرة لاغتيالات السياسية باغتيال 2 من أبرز النشطاء المنتمين لليسار التونسي وهم محمد البراهمي، و شكري بلعيد، بسبب آرائهم وأفكارهم التي عرضوها علي الرأي العام، والاستهداف المتعمد لفناني الراب، وفناني الجرافيتي، وإحالة الصحفيين للتحقيق والمحاكمة وصدور أحكام بالإدانة في قضايا النشر بحق صحفيين ورؤساء تحرير عدد من الصحف على خلفية اتهامات تراوحت بين نشر أخبار كاذبة أو السب والقذف أو الكتابة على الجدارن (فناني الجرافيتي) دون تصريح. والاعتداءات الجسدية ولفظية التي طالت عدد من الصحفيين أثناء تغطية الاشتباكات بين أجهزة الأمن ومتظاهرين، وشهد العام محاولة لاختطاف صحفية معارضة لحركة النهضة من قبل سائق سيارة أجرة. وكذلك المصادرة والفصل من العمل والمنع من التغطية، واقتحام وسائل الاعلام بالقوة واحتجاز أصحاب الرأي والتنكيل بهم والمحاكمات العسكرية لأصحاب الرأي.
وفي مصر شهدت البلاد جملة من الانتهاكات أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي والتي امتدت لنحو عام وكان من أبرزها استهداف الصحفيين مثل حالة الحسيني أبو ضيف والذي تم قنصه أثناء تصوير أحداث الاتحادية الدامية، والفصل من العمل والعقوبات الادارية: مثل إقالة الدكتور”يحيى حسين عبد الهادي”، وكيل أول وزارة الاستثمار مدير مركز إعداد القادة لإدارة الاعمال، التابع لوزارة الاستثمار، وذلك بعد تكرار استضافة المركز للمعارضين السياسيين للرئيس محمد مرسي وانتقادهم لسياسات إدارة الرئيس في حكم البلاد, وكان آخرها استضافة حركة تمرد وتدشينها حركة 30 يونيو. ومنع ومصادرة الأعمال الإبداعية مثل قرار وقف عرض مسرحية “ديوان البقر” في أبريل 2013، والتي نقدت في بعض أجزاءها نظام حكم الاخوان المسلمين، و منع عرض فيلم “يهود مصر“ في مارس 2012. والتضييق علي حرية استخدام الانترنت وملاحقة المدونين، والتضييق على التظاهرات السلمية، وصدور أحكام عسكرية بالسجن في قضايا الرأي. ومحاصرة وسائل الاعلام وارهاب الاعلاميين. والاعتداءات البدنية علي الصحفيين.
وفيما يتعلق بانتهاكات حرية الرأي والتعبير في أعقاب 30 يونيو 2013 تمحور أغلب الانتهاكات حول مقتل الصحفيين والإعلاميين مثل قتل المصور احمد عاصم أثناء تواجده مشاركته في اعتصام دار الحرس الجمهوري للاحتجاج علي قرار عزل الرئيس محمد مرسي, كما لقى نحو عشرة صحفيين مصرعهم خلال الشهور الأربعة الأخيرة من العام بمقتل نحو 4 أثناء تغطية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وفي الاشتباكات التي جرت لمدة شهور تلت. ومنع وسائل الإعلام من التغطية والاستيلاء على المعدات من قبل أنصار المعزول والسلطة الجديدة. واغلاق وسائل الإعلام ومداهمة مكاتبها، ومنع البرامج، من بينهم أربع قنوات فضائية تم غلقها في 3 يوليو وهي قنوات ” الحافظ ومصر25 والناس والرحمة” وهي قنوات مؤيدة جميعها للرئيس المعزول محمد مرسي, وقامت بقطع إشارة البث عن تلك القنوات واعتقال نحو 34 من مالكيها والعاملين بها وذلك فور انتهاء الفريق عبد الفتاح السيسي من بيان عزل الرئيس السابق محمد مرسي. واعتقال الصحفيين واحتجازهم، واعتقال النشطاء، واستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة ضدهم مثل احتجاز الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، وأحمد دومة وغيرهما. كما صدرت أحكام بإدانة الصحفيين والنشطاء على خلفية التعبير عن الرأي مثل حكم سجن الناشط احمد دومة، واحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 إبريل، ومحمد عادل، لمدة 3 سنوات بتهم التجمهر والتعدي علي موظفيين عمومين والدعوة للتظاهر دون اخطار. وصدور أحكام إدانة بحق صحفيين من محاكم عسكرية فقضت المحكمة العسكرية في الاسماعيلية يوم 3 نوفمبر بحبس الصحفي محمد صبري 6 أشهر مع ايقاف التنفيذ بتهم تصوير منشأت عسكرية في رفح.
وفي ليبيا شهدت حرية الرأي والتعبير انفراجة ملموسة في أعقاب سقوط الديكتاتور القذافي فتأسست الكثير من الصحف ووسائل الإعلام المستقلة، لكن من ناحية أخرى أدت حالة الانفلات الأمني التي فشلت السلطة في احتواءها إلي استهداف النشطاء وتفشت ظاهرات مثل الاختطاف والاغتيالات السياسية التي طالت السياسيين والنشطاء والصحفيين، ومن المؤسف أن حالة الانفلات التي تشهدها ليبيا تهدد بتقويض الدولة بأكملها وبالتبعية انتكاس التجربة الديمقراطية الناشئة.
ومن أبرز الانتهاكات استهداف بالقتل اصحاب الرأي بالاغتيال مثل اغتيال الصحفي عز الدين قوصاد في 9 أغسطس، واغتيال المحامي الحقوقي والناشط عبد السلام المسماري المعارض لجماعة الاخوان المسلمين في 26 يوليو، وفي 15 نوفمبر استهدفت ميليشيات مصراته الصحفيين لمنع تغطيه الاشتباكات التي نشبت في طرابس على خلفية استهداف ميليشات مصراته للمدنين أثناء تظاهرهم سلميا. واختطاف الصحفيين مثل اختطاف الدكتور الطاهر التركي رئيس تحرير صحيفة “رواسي” الرسمية، للاختطاف في 28 سبتمبر وهو في طريقة إلي منطقة الزنتان. والاعتداءات البدنية واقتحام مقرات وسائل الإعلام، والاعتقال والمحاكمات الجنائية للصحفيين، ورفع الحصانة عن نواب منتخبين في قضايا الرأي فقد اسقط المؤتمر الوطني الليبي الحصانة عن ثلاثة من اعضاءه ، علي خلفية شكوي تقدم بها حزب العدالة والبناء المقرب لجماعة الإخوان المسلمين، يتهمهم فيها بالتشهير.
وفي اليمن تراجعت حرية الرأي والتعبير والحريات الصحفية والإعلامية وانضمت إلي قائمة الدول التي تمثل خطورة على حياة الصحفيين والإعلاميين، مع تصاعد استهداف المجموعات المسلحة غير النظامية، أو من قبل أجهزة الدولة. وقد سجل العام الماضي اغتيال صحفيين. كما شهد العام عدة وقائع تتعلق بالاعتداء علي موزعي الصحف وسرقة أعدادها قبل التوزيع، والاعتداء على المقار الصحفية وحرقها، والاعتداء على الصحفيين والإعلاميين أثناء مزاولة أعمالهم، واختطاف بعضهم كما في واقعة اختطف مراسلة إذاعة هولندا العالمية “جوديث شبيخل” وزوجها في مجهولون في يونيو 2013، واطلق سراحهما لاحقا في 9 ديسمبر 2013. وتشير التقارير إلي تقاعس الجهات الأمنية عن ملاحقة الجناة ومنعهم من الإفلات من العقاب، بينما تلجأ إلي قمع منتقديها واخراس أصواتهم بالاعتقال كما في حالة الصحفي الصحفي “عبد الرحمن معوضة” الذي جرى حبسه ستة أشهر وتغريمه 200 ألف ريال يمني ، لنشر مقال يطالب بإقالة النائب العام ومحامي عام الأموال العامة ووكيل نيابة الصحافة والمطبوعات. كما شهد العام حالتي ملاحقة قانونية وقضائية بحق صحفيين وصدرت أحكام بحبس محرر أخبار في أبريل 2013 ثلاث أشهر مع وقف التنفيذ وغرامية مالية 3000 ريال يمني بتهمة اهانة موظف عام.
نماذج بلدان تبنت إصلاحات:
أجرى المغرب تعديلات دستورية عام 2011 في سياق الحراك السياسي المرافق لثورات الربيع العربي، منحت هامش للبرلمان والحكومة لمشاركة الملك صلاحياته، وتضمن نصوص تحسن أوضاع الحريات لكن لم يكن لهذه التعديلات أثرا ملموسا على أرض الواقع، كما استمرت قوانين الارهاب وقان الاعلام وقانون الصحافة تشكل قيودا على حرية التعبير، و اسمتر الصاق تهمة الارهاب بكل صحفي أو إعلامي ناقد، واستمر الاعتداء على المظاهرات السلمية، وسيطرة الدولة على الإعلام.
وشهد العام صدور أحكام قضائية بسحن صحفيين، ومدونين وأحكام بحق نشطاء صحراويين مثل حكم محكمة الاستئناف بمدينة الرباط في 15 إبريل، بسجن الديحاني، الناشط الصحراوي، 6 سنوات، وذلك على خلفية نشاطه السياسي المعارض للسلطات المغربية ونهجها تجاه الصحراء الغربية، فيما وجهت له المحكمة تهم عضوية جماعات إرهابية، والتخابر لصالح دول أجنبية، وهو ما نفاه الديحاني تماماً.
وفي الجزائر استمرت السلطات في منع أصحاب من انتقاد رئيس الدولة عبدالعزيز بوتفليقة، ونقد رجال الدين، والمؤسسة العسكرية، ومن أبرز الانتهاكات المتصلة بحرية الرأي والتعبير في الجزائر مصادرة الصحف، كما حدث في مصادرة صحيفة “جريدتي عام 2013 ومنع مديرها من السفر على خلفية نشر ملف حول صحة الرئيس، واستخدام الصيغة المبهمة لقانون الإرهاب لتلفيق التهم للمدونين والنشطاء كما حدث مع مدون شاب حوطم لنشره كاريكاتير يسخر من الرئيس. فضلاً عن التضييق على المنظمات الحقوقية، ومنع افرادها من السفر، وفرض الرقابة على انشطتهم حيث منعت السلطات خلال العام 2013 96 ناشطاً من مغادرة البلاد لحضور مؤتمر حقوقي في تونس. فضلا عن إدانة العديد من النشطاء واعتقال الصحفيين والمدونين وإحالتهم للمحاكمات الجنائية. وتقييد المظاهرات السلمية وقمعها باستخدام العنف المفرط واعتقال أفرادها. وفي 7 فبراير عاقبت إدارة السجون في العاصمة الجزائر أربعين سجيناً أضربوا عن الطعام ثلاثة أيام، احتجاجاً على الأوضاع السيئة بالسجن وتضامناً مع المعتقل السياسي محمد بابا نجار سجين الرأي الذين اعتقلته السلطات الجزائرية في 20 أكتوبر 2005 بشكل تعسفي.
4- نماذج بلدان الخليج العربي:
وفي بلدان الخليح العربي استمر قمع النشطاء والمدافعين عن وحقوق الإنسان ومصادرة حريتهم الذي يأخذ منحنى تصاعدي منذ 2011 خاصة في البحرين والسعودية والإمارات، كذلك عدل قانون العقوبات لتغلظ عقوبة اهانة الملك واستمر فشل وسائل الإعلام الدولية والإقليمية في نقل حقيقة ما يحدث من انتهاكات في بلد مثل البحرين فالإعلام الداعم للنظام البحريني وجه كاميراته لتنقل صورة غير حقيقية عن استقرار البلاد وانتشار الأمن من خلال تغطية فاعليات مثل سباق الفورميلا خلال العام 2013، بينما قمعت الدولة البحرينية ومن وخلال القبضة الحديدية التي تسيطر بها على وسائل الإعلام وتراخيص البث وعرقلة تنقل الصحفيين ووسائل الإعلام واستهداف من يكسر القيود بالاعتقال والترحيل لمنعهم من نقل صورة عنف الأجهزة الأمنية أثناء قمعها للمتظاهرين. وشهدت الامارات والسعودية محاكمات وإدانات بالجملة بحق مدونين وأصحاب ومدافعين عن حقوق الإنسان، بتهم متنوعة جاء في مقدمتها اهانة الملك، والاعتداء على رجال الأمن، فضلا عن إدانة مدونين ونشطاء بموجب قوانين الإرهاب ذات الصيغة المبهمة والفضفاضة في البحرين والكويت، واستمرت المملكة العربية السعودية في التعنت في إصدار تراخيص تأسيس منظمات حقوق الإنسان. وتصدرت الكويت قائمة الدول العربية التي تلاحق النشطاء والصحفيين والإعلاميين بتهمة إهانة الذات الأميرية. وأصدر امير البلاد عفوا عن المدانين بتهم إهانة الذات الأميرية في يوليو ولكن قيده بصدور حكم نهائي بحق المدانين وهو ما أدى الي استفادة نحو 5 اشخاص فقط بالعفو واستمرت الملاحقة القضائية لعشرات آخرين.
واستمر قمع المظاهرات باستخدام العنف المفرط خاصة في البحرين والكويت على خلفية الحراك السياسي المتنامي منذ 2011، وما يصاحب فض المظاهرات من اعتقال للنشطاء وأصحاب الرأي، كما صدرت أحكام قضائية بحق النساء المطالبات بالإفراج عن ذويهن القابعين بالسجون السعودية منذ سنوات دون محاكمات. كما استمر التضييق والملاحقة القضائية للنشطاء الذين ينظمون فعاليات داعمة لحقوق البدون في الكويت.
واستمرت بلدان المنطقة في غلق وحجب المواقع الالكتروني وفرض القيود على استخدام الانترنت خاصة شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها فيس بوك وتويتر، فاحتلت الكويت خلال العام صدارة الدولة المعادية لموقع تويتر للمرة الأولى منذ أعوام لتسبق البحرين التي جاءت في الترتيب الثاني، وأقر البرلمان قانون الإعلام الموحد في 8 ابريل 2013، والذي تضمن العديد من النصوص التي تقيد حرية استخدام الإنترنت وفرض قيود على موقع التغريدات “تويتر”، وغيره من وسائل النشر الإلكتروني، ولكن الانتقادات التي وجهت الي القانون والمعارضة الشرسة له أدت إلي تجميد العمل به في 24 من الشهر ذاته. واستمرت السعودية في حجب المواقع الالكترونية مثل حجب موقع 26 أكتوبر للقيادة الذي وصل عدد المؤيدين فيه لقيادة المرأة للسيارة إلى قرابة 12000 مؤيد من الجنسين دون أسباب واضحة.
وتعكس قضايا ومن أبرز نماذج انتهاك حرية الرأي والتعبر في بلدان الخليج توجت الإمارات الحملة التي تشنها منذ 2011 على الإصلاحيين والنشطاء وأصحاب الرأي بملاحقتهم واعتقالهم وعزلهم عن العالم دون توجيه أية اتهامات والتي بلغت ذروتها في منتصف 2012، وقد بلغ عدد المتهمين في القضية التي عرفت بمحاكمة الإصلاحيين 94 متهما من بينهم قضاة ومحامين حقوقيين وأكاديميين وإعلاميين ومعلمين وقيادات طلابية، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في 2 يوليو ،2013 حكمًا بإدانة 94 ناشطًا حقوقيًا وإصلاحيًا ومحاميين وقضاة لفترات تتراوح بين ثلاث سنوات وخمسة عشر سنة، في محاكمة اتسمت بقصر المدة 04 شهور) وانتهكت معايير المحاكمة العادلة ، بغض قضاة المحكمة انظارهم عن دعاوى التعذيب واساءة المعاملة، ومنع مراقبين من حصور جلساتها، والتضييق على الدفاع، فضلا عن الحكم الصادر بحق الناشط عبد الله الحديدي ابن أحد المعتقلين، بسجنه لمدة عشرة أشهر، علي خلفية كتابته تدوينات عن سير المحاكمة، وذلك استنادًا إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، علي الرغم من إعلان السلطات أن جلسات المحاكمة جلسات علنية. كما قضت المحكمة بمصادرة اموال وممتلكات أفراد وشركات عديدة، وكذا اغلاق العديد من المؤسسات والمراكزالبحثية واغلاق وحجب العديد من المواقع على شبكة الانترنت.
ومن أبرز التجاوزات التي شهدها سير المحاكمة منع حضور المراقبين الحقوقيين جلسات المحاكمة، ورفض السلطات دخول محامي حقوقي للدفاع عن المعتقلين، وتجاهل شكوي بعض المعتقلين بانتزاع اعترافاتهم تحت وطأة التعذيب، وتجاهل عدم تنفيذ جهاز أمن الدولة للقرارات التي أصدرتها المحكمة ومنها القرار الخاص بنقل المستشارين والقضاة إلى غرف حجز معدة لهم، وتعنت الأجهزة الأمنية مع أسر المعتقلين والتضيق عليهم ومنع البعض منهم من حضور جلسات المحاكمة، التضيق علي المحامي الحقوقي عبد الحميد الكميتي أثناء ممارسة عمله ومراقبة تحركاته، وعدم علانية المحاكمة كما أعلنت السلطات الإماراتية.
واستمرت السعودية في الزج بالعشرات من أصحاب الرأي ونشطاء حقوق الإنسان في السجون جراء ممارستهم لحقهم في التعبير عن الرأي أو الدفاع عن حقوق الإنسان، كما استمر التضييق على اصدار تراخيص الإنشاء للمراكز والمنظمات الحقوقية خاصة وأن المملكة لا تدرجها المنظمات الحقوقية ضمن منظمات العمل الخيري والأهلي الذي نص عليها قانون نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية السعودي، وفي طول المملكة وعرضها لا يوجد سوى منظمة حقوقية مرخصة سوى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي أنشئت بأمر ملكي في عام 2004، وهيئة حقوق الإنسان وهي جمعية شبه حكومية يعين رئيسها بأمر ملكي.
وتعد قضية “حسم” نموذجا بارزا للملاحقات القانونية والقضائية لنشطاء حقوق الإنسان فقد أصدرت المحاكم السعودية العديد من أحكام الإدانة بحق أعضاء الجمعية ومؤسسيها فضلًا عن صدور حكم بإغلاق الجمعية، وكان أبرز الاحكام الصادرة بحق أعضاء الجمعية الحكم الصادر على رئيسها السابق الشيخ سليمان الرشودي بالسجن لمدة خمسة عشر عامًا.
كذلك قضت المحكمة الجزائية في الرياض في 9 مارس 2013 بإغلاق جمعية الحقوق السياسية والمدنية “حسم” ومصادرة أموالها، ووقف نشاطاتها لعدم الحصول على الأذن والترخيص. و قضت المحكمة الجزائية ببريدة في 24 يونيو بسجن الناشط عبد الكريم الخضر الناشط الحقوقي لمدة ثمان سنوات بتهمة عصيان الحاكم، والتحريض على الفوضى من خلال الدعوة لمظاهرات، وتقديم معلومات كاذبة لجماعات أجنبية، والمشاركة في تأسيس منظمة غير مرخصة (جمعية حسم), فيما لا تزال جلسات محاكمة باقي الأعضاء مستمرة.
وفي الكويت تعد محاكمات تويتر نموذجا للتقييد الذي تمارسه الأنظمة في دول الخليج على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها موقع التغريدات “تويتر” الذي لعب دورا مؤثراً في الحياة السياسية خلال السنوات القليلة الماضية وتحديد منذ أواخر 2010 حيث لعب دورا هاما في الحشد للحرام السياسي الذي أسقط عدة رؤساء في مصر وتونس واليمن وليبيا، وحتى وقت قريب كانت البحرين تحتل المرتبة الأولي في ملاحقة المدونين على موقع “تويتر”، ولكن خلال العام 2013 تصدرت تصدرت الكويت قائمة الدولة المعادية لتويتر، خاصة بعد أن أخفق جهاز أمن الدولة في تجنيد المدون “مشاري بويابس” لحث المواطنين على عدم النزول في التظاهرات السلمية ونقل وجهة وافصاحه عن الأمر للصحافة ونواب مجلس الأمة الكويتي، مما دعا النظام إلي تضييق الخناق على الموقع وملاحقة المدونين باعتقال ثلاثة مدونين في مطلع 2011، ثم تتالت الاعتقالات وصدور الاحكام بحق المدونين والنشطاء على خلفياتهم تغريداتهم التي زادت بشكل ملحوظ في النصف الثاني من عام 2012 بالتزامن مع تزايد الحركات الاحتجاجية التي كان يتم الدعوة إليها بصفة خاصة من خلال “تويتر” مما دفع السلطات الكويتية إلي تنشيط بعض مواد قانون العقوبات لملاحقات المدونين والنشطاء.
ورغم حدة الانتقادات التي وجهت للسلطات الكويتية من قبل المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية المعنية جراء الأحكام الصادرة بحق عدد من المدونين والمطالبات المتكررة للسلطات بمراجعة قوانينها التي تتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة عليها الكويت، أقر مجلس الوزراء الكويتي في الثامن من إبريل 2013 “قانون الإعلام الموحد” الذي جاء متضمنًا الكثير من المواد المقيدة لحرية الرأي والتعبير والحريات الصحفية، فضلًا عن القيود على مواقع النشر الإلكتروني والتواصل الاجتماعي، والتي من بينها الحصول على ترخيص من وزارة الإعلام وفرض عدد من الشروط على المواد التي تبث من خلالها، ولكن سرعان ما تراجعت السلطات الكويتية عن هذا القانون الذي أثار الكثير من الجدل والانتقادات بين النشطاء والحقوقيين والصحفيين والإعلاميين، حيث جمد رئيس الوزراء العمل بالقانون.